JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

الصفحة الرئيسية

رواية ( ﻟﻤﻦ ﻳﻬﺘﻒ ﺍﻟﻘﻠﺐ : داليا الكومي ) الفصل الأول

 1- الشبح

****************


بالفعل ما يحدث هو خاطىء تمامًا,, لا مبرر لفعلته الدنيئة مطلقًا لكن حينما يتعلق الأمر بالصغار واطعامهم فلتذهب الأخلاق للجحيم ..
تباطئها عن متابعته جعلته يسبقها بخطوات عديدة والظلام الحالك جعلها تفقده بالكامل .. يا تري أي ممر اتخذ هل هو ذلك الذي على اليمين أم الاخر على اليسار ..؟
لعنت غبائها الذي اوقعها في تلك الضيقة .. هل كان لابد من صحوة ضميرها الآن..؟؟
كان سيكون لديها الليل بأكمله لتبكي على فعلتها المشينة لكن بعدما تتم المهمة بنجاح .. والتردد الآن سيعيقها اكثر واكثر .. حتى مصباح صغير لا تملك .. توكلت علي الله العالم بنواياها وقررت اتخاذ الممر الايمن .. " اللهم اجعلنا من اهل اليمين " ماذا عساها تجد إن اخطئت .. إن لم تجد رئيسها فستعود وتتخذ الممر الاخر مباشرة ..
مهمتهما محددة .. سرقة فستان اثري يناسبها من المخزن المهجور والعودة مباشرة .. مهمة سهلة وسريعة وستدر عليها ربحًا وفيرًا ..
سيكون عليها ارتداء الفستان لبضعة ساعات بعدما تتم مهمة سرقته وتعود لتمثيل دور الأميرة في حفل عيد ميلاد الفتاة ومن ثم تقبض الف جنية كاملة .. مبلغًا لم ترى مثيله في حياتها سيمكنها من دفع الايجار المتراكم وشراء بعض الطعام .." امنيات " لو فقط يأتي الغد ..
انتبهت بعدما صالت في افكارها وجالت إلي أنها بداخل غرفة واسعة مظلمة للغاية وخانقة .. يا الله وكأنها مقبرة .. بالكاد تري اصابعها حينما ترفعها أمام عينيها .. ولزيادة في رعبها شعرت بحركة قريبة لكنها لم تلمح مسعود ..
الأفكار بدأت تغزو رأسها .. قد تكون بعض الفئران اللعينة المرعبة أوقد تكون الأشباح .. خياران كل منهما افزع من الاخر فالفئران لا تمثل أي طمئنينة اكثر من الأشباح ..
فجأة سطع ضوء مبهر للحظات قبل أن يعود المكان لظلامه الدامس .. في لحظات كانت قد رددت كل الايات القرآنية التي تحفظها وتلبكت لدرجة أنها فقدت الاتجاهات ووجدت نفسها تدور في الفراغ ..
اللعنة !! أين أنا ؟؟ حتى طريق العودة لا تجده .. تلمست طريقها عبر الظلام وقلبها ينازع في مارثون للبقاء ..
ومع دورتها الأخيرة لمحت ظلًا يتشح بالسواد ظهر فجأة من العدم ويتقدم نحوها ببطء لتصرخ برعب .. - " بسم الله الرحمن الرحيم .. انصرف,, انصرف بسلام .. "
لكن الطيف واصل طريقه إليها ومد يده في اتجاه رقبتها وهو يقول ... - " أنا الشبح,, من أنتِ يا جميلة ؟؟ "
وكل ما تتذكره كان صراخها الملتاع " مسعووووود " قبل أن تغرق في ظلام لا قرار له ..
**
الوعى عاد إليها بالتدريج لتلمح وجه مسعود وهو بحجم الكرة الارضية .. كان منحنى فوقها بانزعاج ويركز ضوء مصباحه علي وجهها وهو يقول ..
- ماذا تفعلين هنا يا خرقاء ؟؟ وكيف تصرخين هكذا ؟؟ هل تريدين فضحنا ؟؟ أنتِ جننتِ بالكامل ..
علي الرغم من رعبها القوى والذي يدفعها للتعلق بثيابه لكن حيائها الفطري يمنعها .. لذلك اكتفت بتعديل وضع حجابها الذى انزلق عن رأسها مظهرًا شعرها وقالت برعب ..
- مسعود .. لقد شاهدت شبحًا .. انه خلفك تمامًا ..
ضحكات الاستهزاء جلجلت في المكان حتى أنها فاقت صريخها في الشدة .. - أي شبح يا غبية ..؟؟ هى انهضي لتختاري فستان يناسبك .. الوقت يمر وسيكون عليكِ غسله وتجفيفه .. لقد خزن هنا في هذا المكان العفن لعهود .. نهضت تتلفت حولها بارتياع ..
- لا لن افعلها .. ستظل سرقة حتى وإن لم يكن له اصحاب أو لم يعد يستعمله احدهم ..
سيفقدها !! ضميرها الملعون سيجعلها تتراجع .. لأيام يضغط بكل قوته وكان الاشعار الذى استلمته علي يد محضر اليوم هو القشة التى قصمت ظهر البعير وجعلتها توافق ليأتى ذلك الشبح المزعوم ويرعبها ..
- لا يا حلوة ... نحن بيننا اتفاق ولم يتبقى لي أي وقت لأبحث عن بديلة لكِ .. ستختارين الفستان كفتاة مطيعة وستصحبيني للحفل وإلا اقسم لكِ ستنامون في الشارع بدءًا من هذه الليلة .. وسيكون عليكِ اطعامهم التراب وارضاع الهواء للصغير .. اشكري الله فأنا اخترتك علي الرغم من كونك فتاة عادية جدًا وانتهزى الفرصة فالحياة لا تعطى فرصة اخري .. تذكري الجوعى في المنزل .. متى تناولتم اخر وجبة ؟؟
الفقراء لا حق لهم في الاختيار .. ربما لن يعاقبها الله علي سرقة لا تريدها لكنها ملاذها الوحيد بعدما اغلقت في وجهها كل الأبواب ..
هناك صغير لم يتعدى الاربعين يريد الحليب واخرين لم يتحصلوا علي طعام منذ ايام ..
اختلطت دموع القهر بتراب وجهها الذى غمرها حينما سقطت ارضًا, لتسيل انفاق من الطين تغمر وجهها ولتسير خلفه منكسة الرأس .. الفقر قدرها والحاجة للطعام تكسر النفس والروح والقلب .. كيف لمعدة جائعة أن تقاوم ؟؟ وكيف لمنزل يعج بالاطفال الجوعى أن يُرفع بدون مد اليد بالتسول أو السرقة قد تملك من عزة النفس ما يمنعها عن التسول وخيار السرقة كان الأفضل والشرف هو فقط شرف جسدها كما اعتادت والدتها أن تردد علي مسامعها ..
طالما تحافظ علي شرف جسدها اذًا هى شريفة حتى لو مدت يدها لممتلكات الغير واقتحمت المخازن ..
سارت هذه المرة تتبع مسعود الخبيث .. ماكييردرجة ثانية اعتاد العمل في الحارات والأزقة ويعمل لحساب بعض شركات الانتاج الحقيرة التي تتنج القاذورات وعلي الرغم من أنه يستطيع توفير مسكن في مكان افضل إلا أنه علي الرغم من ذلك يسكن فى نفس طابقهم الأرضى الذى اكلت الرطوبة حوائطه واقسمت الشمس علي ألا تزورهم يومًا في مسكنهم ذلك فاصبح بيئة للأمراض لكنه المآوى الوحيد الذى تعرفه .. كيف ستتركه بخمسة من الأطفال يتعلقون في رقبتها,, اكبرهم في العاشرة واصغرهم رضيع لم يتم حتى اربعينه
أين سينامون وكيف ستأمن عليهم عندما تتركهم في الشارع وتذهب للسعى علي لقمة عيشهم ..؟؟ ولكن لتكون امينة مع نفسها وفي حق مسعود,, هو ليس خبيثًا بالكامل في قراره تعلم انه طيب القلب لكنه بخيل وكسول وهذا ما جعلها تتعاون معه على الرغم من كل صفاته البشعة التي يظهرها لكنه لن يؤذيها حقًا ويقحم ابنه في نفس الامر الذي اقحمها فيه ووافقت ربما على مضض لكن وافقت بكامل رغبتها وبدون اجبار..
وماذا كان لديها غير هذا ..؟؟ لا يوجد لديها أي شيء علي الاطلاق .. لا تعليم لا والدين لا ميراث سوى خمسة من الاشقاء هى مسؤلة عنهم بالكامل .. حملًا يقسم الظهر لكنها اقسمت علي حمله حتى النهاية ...
- انظري لهذا سدرة اعتقد أنه المناسب تمامًا .. فستان ماري انطوانيت وقبعته احذري عند غسله فالزمن بالتأكيد جعله مهتريء .. هيا جربيه سريعًا لنرحل من هنا ..
بكل رعب الدنيا سحبت الفستان من يده لتهتف بفزع .. - سأجربه في المنزل.. - وإن كان لا يناسبك ماذا سنفعل وقتها .. ؟؟
عاد ليصرخ بصرامة ..- توقفى عن تضييع الوقت وابدلي ملابسكِ وإلا اقسم لكِ ستجمعين اشقائك من الشارع ..
كانت تبكى بقهر وهى تقول .. - لن ابدل ملابسى أمامك مطلقًا ولن اخلع ملابسي في أي مكان غريب خارج غرفتى هكذا تربيت ولن افعلها الآن ..
زمجر بغضب وهم بقول شيء ما حينما اغلق الضوء فجأة ليعم الظلام المكان وبدأت بعض الاصوات المرعبة في التصاعد .. - الأشباح مسعود أنا خائفة ..
هتف بحنق وصوته يحمل القليل من الخوف .. - حسنًا دعينا نغادر هذا القبر لكنى احذرك .. سترتدين الفستان في الحفل وعليه أن يناسبك تمامًا ..
ابتسمت في ارتياح علي الرغم من رعبها ..شكرًا ايتها الأشباح اللطيفة .. في الحقيقة الاشباح تخيفها اقل من خلع ملابسها أمامه ..
- لا تقلق .. اعتدت رتق ملابسنا ولن يمثل تظبيط هذا الفستان أي عائق .. بسيطة باذن الله ..
**
يالا الأثرياء الأغبياء .. لماذا اصرت تلك الدلوعة الصغيرة علي عرض الأميرة والضفدع .. ؟؟ هى الأميرة الآن بملابسها الغريبة تلك ومن سيكون الضفدع يا تري ..؟؟
لحسن حظها ناسبها الفستان وكأنه صنع من اجلها ربما انخفض وزنها بعد أيام من الصيام المتواصل .. كانت تعطى حتى نصيبها القليل لشقيقها "علي" فهو في العاشرة ويحتاج جسده للطعام بصورة كبيرة والحق يقال لم يشتكى من الجوع يومًا لكنها تعلم أنه جائع ويحتاج المزيد ..
وايضًا اختيار فستان ماري انطوانيت محتشم كفاية,, فقط كان له قبة واسعة تمكنت من معاجتها بشكل احترافي وبعد غسيلة وكيه اصبح رائعًا ..
لم ترتدي يومًا فستانًا بهذا الجمال أو بهذا الحجم ..
تتبقي فقط مشكلة اظهار شعرها واخراجه من حجابه .. القبعة الكبيرة اخفت معظم شعرها الأسود لكن كان لابد من تنازل .. سامحنى يارب العالمين .. - علي ..
- نعم سدرة .. يا الهى ما هذا الفستان الرائع ..
- علي اقترب .. هناك امران اريد منك مساعدتى فيهما .. لدى عرض عمل اليوم وسيدرعلينا مبلغًا كبيرًا .. الف جنية يا علي تخيل .. الف جنية كاملة سندفع السبعمائة جنية حق الايجار وسنشتري الطعام بالباقى لكنى اريدك اولا أن تعدنى بالاعتناء بالصغار حتى اعود .. سأعطيك عشرة جنيهات اذا ما اهتممت بهم جيدًا .. زوجة مسعود ستهتم بمحمود وستطعمه لكن أنت عليك الاعتناء برويدا وعائشة وكارم .. لا تفتح الباب ولا تدعهم يخرجون .. اتفقنا ..
رفع رأسه ليقول بكبرياء .. - واجبي حمايتهم بدون مقابل سدرة .. اطمئنى واحتفظى بالنقود لتشتري بها تموين للمنزل ..
الهداية من الله سبحانه وتعالي (( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )) ..
وعلي خير عون .. مهدي من الله سبحانه وتعالي ويتحمل العبء معها كيف تشكره وتساعده ..؟؟ ليتها تستطيع جعله يتم تعليمه ..
بعد وفاة والدتهم اصبح اكمال تعليمهم امرًا مستحيلا فكيف ستتدبر مصاريف التعليم التى لا تنتهى واصبح تركهم للمدرسة امرًا علي وشك الحدوث.. انها مسألة وقت فقط ..
أما هى فتركتها بعد الاعدادية أي منذ ثلاث سنوات بعد وفاة والدهم مباشرة لتساهم في المصاريف بعملها ..
كلما ينتقص الدعم المتمثل في والدين كلما اصبح التعليم رفاهية ليست من حقهم .. همها الآن ابقائهم علي قيد الحياة بداخل مأوى..
كانت قد عملت كبائعة في محل بسيط وحينما اغلق ابوابه عملت بائعة في مكتبة لبضعة شهور,, وتزوجت والدتها للمرة الثانية ظنًا منها أنها تساعدهم بذلك لكنها لم تكن تعلم أنها تضيف فم جديد للافواه الجائعة ..
وبعد وفاة والدتها بسبب مضاعفات بعد ولادتها لمحمود بدء النذل صاحب المكتبة يتحرش بها .. كان يظنها ستكون لقمة سهلة .. لكنها تركت العمل بعدما سبته وربما تكون ركلته لا تتذكر ما فعلت بالتحديد ولشهر كامل لم تتقاضى أي راتب حتى جاء مسعود بعرضه وعرض عليها العمل .. في البداية طلب منها اعمال ادارية فكانت تتصل بالفنانين والفنانات التى كان يتعامل معهم وترتب له المواعيد وظلت علي هذا الوضع لعدة أيام قبل أن يفاجئها بأمر الحفلة وضرورة قيامها بدور الاميرة ..
انحنت علي يد "علي" تقبلها بحب واحتوته في حضنها .. لكنه ابعدها برفق وهو يسألها ..- اذًا ما الامر الاخر ؟؟
- اوه ذلك .. حسنًا اريد مساعدتك في كى شعري ..
نظر اليها فى بلاهة ليقول .. - ماذا ..؟؟ كى شعرك كيف ذلك ؟؟
- لأتقن الدور علي علي اخراج بعض الخصلات وتجعيدها لتخرج من جانب تلك القبعة التى ستحل محل حجابي واريد أن اجعدها بالمكواة ..
مازال يشعر بالذهول ..- أي مكواة .. مكواة الملابس ؟؟
- من المفترض أن الشعر له مكواة خاصة به وبما أننا لا نمتلك واحدة فسأحاول التصرف .. كان علي مسعود احضار مكواة لي مع ادوات التجميل التى اعارنى اياها ..
- كما تقولين سدرة كما تقولين,, لكن اشرحى لي دوري بهدوء كى افهم ..
- الحمد لله أن شعري ليس سيئًا وإلا كانت فشلت خطتى .. ربما هو الشىء الجيد الوحيد الذي املكه لذلك لن يحتاج لمجهود ..
نهرها بغضب .. - لماذا تقولين علي نفسك هكذا ..؟؟ أنتِ افضل شقيقة قد يحظى بها احدهم يومًا ما..
ابتسمت بلطف .. - كم أنت شهمًا يا علي .. في الواقع أنت هو افضل شقيق .. عدنى ألا تتغير ابدًا ..
قاوم دموعه بصعوبة فالرجال لا تبكى ابدًا .. - إلي العمل الآن .. كيف اكوى شعرك ..؟؟
- سأضع رأسي علي الأريكة وعليك تسليط المكواة علي شعري وكلما طلبت منك رفعها ارفعها كى لا يحترق الشعر ..
ردد بخوف .. - هل أنتِ اكيدة ؟؟ لا اعتقد اننى استطيع فعل ذلك ..
هزت رأسها بتأكيد .. - بل تستطيع حبيبي .. فقط انتبه اذا ما شممت رائحة الشياط عليك بالتوقف ..
- توكلنا علي الله ..
- أنت تبلي جيدًا .. انتهينا من هذه المرحلة إلي المرحلة الاخيرة .. هل تستطيع ايجاد حامل معدنى اسطوانى لأضعه علي الموقود ..
انها تتصرف بغرابة لكنه لم يعترض وحينما وجد ما تريده تنهدت بارتياح ..
التقطت طرف الحامل الاسطوانى بمنشفة ووضعته علي الموقد والتقطت بعض الخصلات الأمامية وبدأت في لويها علي الحامل حتى تجعدت بالكامل ..- شكرًا علي كنت خير معين ..
تجربة جديدة عليها بكل ما تحمله من تحديات .. لا خبرة لديها في استخدام ادوات الزينة أو كى الشعر فقط خبرتها اكتسبتها من متابعتها للتلفاز القديم الأبيض والأسود الذى يعمل في بعض الأحيان لكن فطرتتها الانثوية انتصرت وكحلها الداكن حدد زوج من العيون ليظهرهما .. حتى كريم البشرة الذى بالتأكيد سيكون من الدرجة الثانية جعل بشرتها طرية وندية وكأنها ارض عطشى ارتوت بعد جفاف طويل ..
في الواقع هى ليست جميلة وتعرف ذلك .. ربما ليست قبيحة لكنها لا تمتلك من مقومات الجمال سوى بشرة بيضاء صافية بالتأكيد لأنها لا تأكل الدهون وشعر أسود ناعم وشفتين بلون الفراولة لا تحتاجان لأحمر شفاة ..
أما جسدها فنحيل جدًا وزاده الفقر نحولا ولا تمتلك تلك التضاريس الانثوية التى تملكها كل الفتيات ..
لكن مع الكحل الداكن الذى وضعته ليحدد دائر جفنيها بخطوط عريضة والقبعة وبعض رتوش الزينة الاخري القليلة وملمع الشفاة اصبحت جذابة لدرجة ما .. ولولا احساسها بالذنب من سرقة الفستان لكانت اعتبرت اليوم من افضل أيام حياتها .. أنا جميلة أخيرًا ولن تعايرنى الفتيات بنحولي و..
زمور صاخب انتزعها من افكارها بالتأكيد وصل مسعود .. نادرًا ما يستخدم سيارته القديمة ويذهب إلي عمله علي الاقدام ليتفادى ثمن الوقود ومن وجهة نظره يحافظ عليها هكذا من الصدمات والطرقات لكن اليوم بالتأكيد سيستخدمها فالحفل سيقام في القاهرة الجديدة كما اخبرها وسيارة الاجرة ستأخذ منهما مائة جنية علي اقل تقدير ولن يضحى مسعود البخيل بمثل هذا المبلغ الضخم ..
وبعدما استودعت اشقائها وشقيقاتها الله حملت محمود واغلقت الباب جيدًا خلفها لتجد مسعود يلمع السيارة بمنشفة قديمة مهترئة .. وعندما لمحها تحمل محمود انتزعه من بين ذراعيها بقوة ..- هل جننتِ لتحمليه بعدما ارتديتِ الفستان ..؟؟ ماذا لو فعلها وتبول عليكِ يا غبية ..؟؟ انتظرينى هنا سأعطيه لزوجتى واعود فورًا بعدما ابدل ملابسي ..
علي الرغم من غضبها منه إلا أنه محق فمحمود قد يفعلها في أي لحظة وستحزن جدًا لو افسد فستانها الرائع وسيفسد كل الحفلة بالتبعية لكنها كان يجب أن تحمله فلم تكن لتسمح لمسعود بالدخول لمنزلهم والتقاطه ..
انتظرته في سيارته القديمة حتى عاد وهو يهرول .. كان يرتدى حلة بنفسجية جعلته اشبه بالمهرج وكرشه الضخم يتدلي منها ويحمل في يده كيس بلاستيكى أسود منتفخ وفي يده الاخري اصطحب ابنه ذو الست سنوات .. نظر إليها وهو يقول بزهو .. - ما رأيك في حلتى ؟؟؟
ابتسمت علي الرغم منها وهى تحاول عدم اظهار امتعاضها وتقول بلطف ..
- جيدة ..
هتف باستنكار .. - فقط جيدة .. أنتِ لا تفهمين في الموضة والاناقة .. من أنتِ من الأساس لاسألك ؟؟
ثم فجأة تحولت لهجته للجدية ..- هانى سيقوم بدور الضفدع .. اشتريت له حلة تنكرية وسيرتديها هناك ..
سأعيد عليكِ دورك .. الحفل سيقام علي المسبح وعليكِ تقبيل هانى وهو بداخله ..
قاطعته برعب .. - أنا لا اجيد السباحة ماذا لو انزلقت قدمى ..
هتف بتأفف .. - سدرة .. انسي الحارة قليلًا .. ما ستشاهدينه بعد قليل يفوق احلامك .. حاولي التصنع حتى لتظهري كأميرة حقيقية .. الأميرة الحقيقية لا تتكلم هكذا ثم أنه مسبح للأطفال ملحق بالمسبح الرئيسي وجعلتهم يضعون فيه الكثير من الاسنفج الأخضر علي شكل ورقات الشجر كالذى تعيش عليه الضفادع وهانى سيقفز بين تلك الاسفنجات كما دربته امس ..
فهل سيتمكن صاحب الست سنوات من تأدية دوره وأنتِ تخشين السقوط في مسبح للأطفال ..؟؟
كل ما عليك هو التجول حول المسبح قليلا ثم سترين الضفدع وتتحدثين معه ذلك الحوار الذى اتفقنا عليه من قبل وبعدها تقبلينه ليتحول لأمير وسيم .. انتهينا ..
حدته جعلتها تصمت ولا تسأله ماذا ستفعل بعدما يتحول لأمير .. ذلك الجزء لم يخبرها عنه مطلقًا .. ولا تجروء علي سؤاله الآن فهو علي وشك القائها من السيارة ..
- وصلنا ..
كمبوند فاخر بدرجة لا توصف جعلها تفغر فاهها في بلاهة.. ماهذا المكان العجيب وهى التى تحارب باستماتة لمجرد أن تحافظ علي ذلك القبر الذى يعيشون فيه ..
هزت رأسها لتنفض عنها البطر .. احمدى الله يا فتاة فهو يقسم الارزاق وبالتأكيد رزقهم محفوظ .. تذكرت مقولة والدتها رحمها الله " البطران عيشته قطران "
توقفت السيارة أمام فيلا ضخمة بداخل الكمبوند والتى يبدو عليها مظاهر الاحتفال في كل شبر منها .. انارة خلابة وموسيقى هادئة وعدد مهول من السيارات التى لم تري مثلها في حياتها ..
***

بالطبع .. من أين غير باب الخدم سيدخلون ..؟؟
اقتادتهم فتاة اسيوية ترتدى زى الخدم المميز بمريوله الأبيض وتنورته السوداء القصيرة لغرفة ملحقة بالمطبخ وهناك تركتهم للاستعداد ..
المطبخ بحجم بنايتها كاملة ومن فخامته قد تظن أنه الصالون لا المطبخ .. كيف يستطيعون الطهو فيه وتعريضه للدخان والدهون ..؟؟ تكفي تلك الثريا العملاقة التى تبرق كالاف المصابيح أو ذلك السجاد ذو الوبرة السميكة ..
عدلت من زينتها علي عجل واثنت علي براعتها باعجاب .. مازالت خصلات شعرها المجعدة صامدة وبانتهاء هانى من ارتداء زى الضفدع وبشبك مكبر صوت صغير في ملابسها اصبحوا في كامل استعدادهم .. وضغطوا علي الجرس فعادت الأسيوية لاصطحابهم ..
**
يتبع 

جميع الحقوق محفوظة للكاتبه : داليا الكومى 

تابعونا على صفحة الفيس بوك : حكايات منسوجة 
الاسمبريد إلكترونيرسالة